هل يؤثر البكاء على نمو الأطفال لغويا؟

مجلة أصحابي . عام 1472 لاتعليقات

الأطفال ليست مخلوقات صغيرة باكية دائما بداعي أو بدون داعي، فالبكاء هو لغة الطفل الأولى ووسيلته للتواصل والتفاهم مع الأشخاص من حوله، ويعتبر أولى خطواته نحو تعلم اللغة، وعندما تعتاد الأم على بكاء طفلها ستجد أن لكل احتياج من احتياجات طفلها طريقة معينة في البكاء، فيكون بكاؤه أكثر حدة عندما يشعر بالجوع، ويتحول إلى نشيج عندما يريد تغيير الحفاض.

في الشهور الأولى التالية لولادة الطفل، يعتقد الآباء والأمهات أن المهام التي تشغل الطفل لا تتعدى احتياجاته من الرعاية والغذاء، ولكن المفاجأة الكبيرة أن دماغ الطفل يعمل في صمت، فنمو الأطفال وتعلمهم مهارات مختلفة خاصة المهارات اللغوية يبدأ من اللحظة الأولى لولادتهم.

يعمل دماغ الطفل الصغير بلا كلل أو ملل في محاولة فهم العالم من حوله، فتأمله في ملامح والدته أثناء الاحتضان أو الرضاعة هو عمل دؤوب يسعى به لفهم ملامح وجهها وتعبيراتها، ليكتسب دماغه مهاراة الربط بين حالة معينة وتعبيرات الوجه، فالطفل الصغير يمتلك من الذكاء ما يمكنه من معرفة إذا كانت علامات وجه والدته تدل على اهتمامها به أو تجاهلها له أو الغضب أو الرغبة في اللعب معه، ولكن كيف يساهم الدماغ في نمو الأطفال لغويا؟

معروف أن الطفل يقلد الكبار في كل شيء، والأمر لا يعد رغبة نفسية في التقليد بقدر ما هو نمو في وظائف الدماغ، فدماغ الطفل يلتقط جميع ما يراه أو يسمعه من حوله، وفيما يتعلق بالقدرة على الكلام، فمنذ اللحظة الأولى لولادة الطفل يبدأ دماغه في تخزين الأصوات والكلمات، ويحاول جاهدا أن يميز بين الكلمات المختلفة ويُوجد علاقة بينها، لتؤتي هذه المحاولات ثمارها عندما يبدأ الطفل في إلقاء الأصوات المختلفة، فهي ليست بالأمر الهين، فنمو الأطفال يرتبط ارتباطا وثيقا بمحاكاته طريقة الكلام التي يسمعها، وتعتبر علامة فارقة في بداية تطور النطق عند الأطفال.

وفي سن الأربعة أشهر تتطور قدرة دماغ الطفل على تكوين الكلمات مع قدرة حباله الصوتية على النطق، فينتقل من مرحلة الأصوات إلى مرحلة نطق كلمات بعينها، مثل “ماما” و”بابا”، ومن الشهر الثامن يبدأ طفلك في تكوين جمل بسيطة فبدلا من استخدامه صوتا مثل “أوبه” للدلالة على رغبته في أن تحمليه، سيطلب منك مباشرة وبجمل بسيطة. وستظل عملية الدماغ في تعلم اللغة تسير بمعدلها البطيء حتى عمر الثالثة، حين يصبح طفلك لا متحدثا جيدا فقط، بل ربما تملين من كثرة ثرثرته حول لعبه وأصدقائه وبرامجه المفضلة في التليفزيون.

ولكن يأتي تساؤل هام .. هل نمو الأطفال لغويا يعتمد فقط على نمو الدماغ؟ الإجابة بالطبع لا، قد يكبر دماغ طفلك وتتطور حباله الصوتية بحكم نموه البيولوجي ولكن يظل يجد صعوبة كبيرة في تعلم اللغة أو القراءة أو قدرته علي التعبير عن نفسه؛ فالدماغ لا يكتسب مهارة معينة إلا أن يتلقى تحفيزا دائما من الخارج، فتعلم الطفل التعبير عن نفسه من خلال الكلام، عملية تبدو أشبه بتعلم الكبار لغة ثانية، تحتاج دائما إلى تنبيه خارجي وتمرين مستمر حتى تؤتي ثمارها، فكل منا يولد ولديه الاستعداد للتعلم لكن تعلم حتى المهارات الأساسية يلزمه عملية تحفيز مستمرة.

وهنا يكون التحدث مع الطفل والقراءة له منذ يومه الأول، أهم عامل يساعد على نمو الأطفال لغويا، بل أكدت الدراسات أن الطفل يلتقط هذه الكلمات وهو جنين في بطن والدته، إضافة إلى أن الأطفال يحبون القراءة لهم فهي تحفز خيالهم نحو الإبداع والتعلم، فضلا عن تنمية قدراتهم اللغوية، وشيئا فشيئا سيتعلم الطفل أن يتجاوب مع الحديث والحكي عن طريق تعبيرات الوجه أو الحركات الجسدية وإصدار الأصوات فكلها خطوات مهمة نحو تطور قدرته على الكلام، وأظهرت الدراسات أن الأطفال الذين لا يتفاعل معهم آباؤهم عن طريق التحدث والقراءة يعانون بطئا أو مشاكل في تعلم المهارات اللغوية.

تعقيب من موقعك.

أترك تعليق


جرب نسيج الآن ...

مجلة أصحابي

مجلة أصحابي هي مجلة منوعة تهدف الى جمع أكبر عدد ممكن من المقالات والمواضيع المتميزة التي تهم الشباب والشابات. يمكنكم ارسال مشاركاتكم واضافاتكم الى موقعنا في أي مجال يهمكم.