هل تصبح “القطة غرمبي” من رموز هوليوود؟

مجلة أصحابي . عام 1247 لاتعليقات

هناك بضعة رموز مرتبطة بالثقافة الشعبية باتت معروفة وتحظى بالنجاح، مثل القطة غرمبي. لكن هل يعني نجاح هذه الرموز نهاية للنجوم التقليديين المرتبطين بصناعة السينما؟ الصحفي بيتر بوز يتناول هذا الأمر بشيء من التفصيل.

عندما وضع بريان بندسين صورة قطة شقيقته على موقع “ريديت” للتواصل الاجتماعي، لم يدر بخلده على الأرجح أن تلك القطة ذات الوجه غير المألوف ستصبح من أبرز المشاهير على شبكة الإنترنت. فالصورة ذات الطابع المتجهم نُسخت آلاف المرات مصحوبة بتعليقات متجهمة بدورها، وبُثت على مواقع إليكترونية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي.

الآن يوجد لـ”غرمبي” مدير أعمال، وحق امتياز تجاري لترويج المنتجات المرتبطة بها يُحرز نجاحا، وهناك كتاب كذلك يتناول طباعها؛ ويحمل اسم “كتاب غرمبي”، فضلا عن صفحة على موقع فيسبوك سجلت نحو 7 ملايين إشارة إعجاب، بالإضافة إلى قرابة ربع مليون متابع لحسابها على موقع تويتر.

بجانب هذا وذاك، تستعد شبكة (لايف تايم) التليفزيونية لعرض فيلم يحمل اسم (عيد الميلاد الأسوأ للقطة غرمبي). وفي هذا الإطار، تعتبر كارين نورث، الأستاذة الجامعية في مجال وسائل التواصل الاجتماعي بجامعة أنينبرغ سكول بولاية ساوث كارولينا بالولايات المتحدة، أن القطة غرمبي “ناجحة على نحو هائل”.

وتضيف نورث أن “أحد أكثر النشاطات شعبية على الشبكة العنكبوتية يتمثل في عرض الصور وإرفاقها بتعليقات تنطوي على تهكم. فالناس يقتطعون حدثا أو جانبا من تغطية إعلامية أو صورة ما من تلك المنشورة على أحد المواقع، ويقومون بمزجها بصور أو نصوص أخرى، أو ربما يحاكونها على نحو ساخر لجعلها ملائمة للفكرة التي يريدون التعبير عنها”.

وفي هذا المضمار، تشكل صورة القطة غرمبي “الصورة المثالية”. فشعبيتها التي نالتها منذ فترة قصيرة على الساحة الإعلامية، حولتها إلى عنصر مهم جدا سواء في مجال التسويق أو الترفيه.

فهذه القطة الصغيرة أصبحت من مشاهير عالم الإنترنت إلى حد يجعلها منافسا قويا لرموز أخرى، مثل القط “غارفيلد” الشهير في مجال الرسوم المتحركة، أو القطة الكرتونية الشهيرة “كيتي وايت” المعروفة باسم “هاللو كيتي”.

لكن هل يمكن القول إن شهرة تلك القطة الصغيرة العابسة “غرمبي” ستستمر إلى الأبد؟

عندما التقيت بـ”القطة غرمبي”، واسمها الحقيقي تاردار سوس، كانت تستحوذ على انتباه عشاقها المتيمين بها في مهرجان (إس إكس إس دبليو) الفني الذي يُقام سنويا في مدينة أوستن بولاية تكساس الأمريكية.

وشكّل المهرجان، الذي يحتفي بالموسيقى وبمكونات عالم الثقافة الشعبية، الساحة الأمثل لتسليط الضوء على الجاذبية الاستثنائية التي تتمتع بها “غرمبي”، التي تمثل نجما ذا سمات غير مألوفة في غيره من النجوم.

وتوضح تاباثا بندسين، مالكة القطة، إن تعبير التجهم والعبوس الذي يلوح على وجه قطتها، ربما يُعزى إلى إصابتها بحالة تُعرف بـ”تقزم القطط”، وهي حالة تجعل حجمها صغيرا، ولكنها تظل على الرغم من ذلك مفعمة بالحيوية والمرح، كما هو معتاد مع غيرها من القطط.

ويقول بِن لايشز، مدير أعمال القطة العابسة إنها “متميزة بحق، فهي أحلى القطط وأكثرها عبوسا على الإطلاق. حتى عندما نسير معا في الطريق، تجد الناس يتعرفون علينا، ويهرعون إلينا من على مبعدة لالتقاط صورة”.

إدارة أعمال المشاهير

عندما جرى التعاقد مع لايشز لإدارة أعمال “القطة غرمبي”، كانت لديه بالفعل خبرة مماثلة في تمثيل أصحاب حقوق الملكية الفكرية لأنماط ورموز نالت شهرتها ولمعت عبر شبكة الإنترنت.

فقد قام بالدور نفسه من قبل مع القطة “كي بورد”، وهي أول هرة تشتهر عبر الإنترنت على الإطلاق، والتي ذاع صيتها بعد بث مقطع مصور لها عام 2007 على موقع “يوتيوب” ولاقى اعجابا كبيرا، رغم أنه سجل في الأصل عام 1984.

ويتخصص لايشز في إدارة الشؤون المالية والتسويقية الخاصة بأصحاب مثل هذه القطط الشهيرة، ولكنه يتولى الأمر نفسه كذلك لصالح شخصيات التقطت لها صور أصبحت شهيرة على شبكة الإنترنت.

من بين هؤلاء، الطفل الذي يظهر في الصورة المعروفة باسم (طفل النجاح)، وهي صورة تُظهر ذلك الطفل وهو يقف على أحد الشواطئ، وعلى وجهه ملامح اعتداد بالنفس وربما تحدِ.

وكذلك الشاب الذي يظهر في صورة تحمل اسم (ستيف البائس والحقير)، إلى جانب الشاب الذي ظهر في صورة عُرفت باسم (الفتى الجذاب إلى حد يثير السخرية).

ويعتبر لايشز أن ما يقوم به لصالح مشاهير الإنترنت يضاهي ما أنجزه من قبل بريان إبشتين لفريق البيتلز، عندما كان إبشتين مديرا لأعمال الفريق. على أي حال، سيحدد الزمن وحده مدى صحة هذه المقارنة، ولكن بِن لايشز يثق في أن رموز الثقافة الشعبية وُجدت لتبقى.

ويقول لايشز إنه “تحول خلال السنوات الأربع الماضية من شخص يستخف به من يحادثه هاتفيا، عندما يحاول تجاذب أطراف الحديث معه عن قطة شهيرة، إلى شخص غير قادر على الرد على ما يكفي من اتصالات هاتفية يوميا” نظرا لضيق الوقت.

ويضيف لايشز “لم تشهد الثقافة تغييرا كبيرا عما كانت عليه دوما، الأمر حقا يتعلق بتغير وسيلة التسويق والتوزيع”.

ويؤمن لايشز بأن شبكة الإنترنت، باعتبارها سبيلا فعالا لتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص، منحت المستهلكين القدرة كاملة على الاختيار. فلم يعد الناس بحاجة للاعتماد على المؤسسات الكبرى، مثل شركات صناعة السينما في هوليوود، لكي تخلق شخصيات جديدة يمكن أن يتعلقوا بها.

وفي هذا الشأن يقول لايشز “بات لدى المرء عدد كافٍ من الناس ممن قرروا أن يكنوا مشاعر الحب لشيء ما؛ فقط لما هو عليه من صفات، ودون أن يحثهم أحد على ذلك. وقد يشكل ذلك قاعدة جماهيرية أقوى من أي قاعدة مماثلة تسعى لإنفاق المال من أجل الحصول عليها”.

السخرية من “ميكي ماوس”

ربما يبدو من قبيل المبالغة مقارنة “القطة غرمبي” بشخصية مثل ميكي ماوس؛ التي تعد من بين أكثر شخصيات الرسوم المتحركة التي ابتكرتها هوليوود استمرارا ورسوخا، خاصة إذا ما نظرنا إلى قدرة هذه الشخصية أو تلك، على البقاء لأطول مدى زمني ممكن.

وتقول آمي نيكولسون، كبيرة النقاد السينمائيين في صحيفة “إل آيه ويكلي” الأمريكية، إن “ما يمنح القطة غرمبي قوتها هو كونها تعبر عن العبوس واليأس، ولكن ذلك نفسه هو ما يجعل قدراتها محدودة”.

وتضيف نيكولسون أن “ميكي ماوس يمكن أن يقوم بالكثير من الأشياء. فبوسعه قيادة مركب بخاري، أو التسكع هنا وهناك مع ميني، كما يمكنه اللعب مع كلبه، أو قيادة فرقة موسيقية. أما القطة غرمبي فليس بإمكانها القيام بأي شئ آخر بخلاف العبوس”.

وفي المعتاد، تسارع المؤسسات العاملة في صناعة الترفيه إلى إسقاط أي شخصية خيالية أو كرتونية من حساباتها بمجرد أن يبدو واضحا أن شعبيتها في انحسار. حتى الآن؛ ما من مؤشر على أن تراجعاً ما قد سُجل في شعبية “القطة غرمبي”، ولكن ربما يحدث ذلك في يوم ما.

وترى نيكولسون أنه من بين مكونات “كل فئة من فئات الأنماط والرموز الثقافية، سيبقى رمز أو نمط واحد” في ذهن الجمهور.

وتضيف “لدينا بالفعل عشرات الأنماط والرموز الأساسية التي تغطي كل الانفعالات الإنسانية. وستبقى هذه الأنماط والرموز طالما ظلت تلك النزعة قائمة. (ولكن) بعد ذلك؛ لا أظن أن العديد من الأنماط ستظهر لكي تحل محل” تلك الرموز التي فقدت شعبيتها.

وهنا تشير الأستاذة الجامعية كارين نورث إلى أن الزمن وحده هو الذي سيكشف عما إذا كانت تلك الشخصيات الشهيرة التي ذاع صيتها من خلال شبكة الإنترنت “ستبقى معنا لأمد طويل أم لا”.

وتضيف أن “مدى نجاح مثل هذه الشخصيات في خلق صورة راسخة، مثل (ما حدث مع) هاللو كيتي وغارفيلد، يظل أمرا مثيرا للجدل”.

وتتابع نورث أن “الجمهور في العالم متقلب المزاج بعض الشيء. غالبية هذه الشخصيات لا تبقى موضع الاهتمام لأمد طويل، فهي تشكل صرعة أو تقليعة”.

وهذا ما يفسر سبب سعي الوكالات (الإعلانية) إلى إدارة شؤون العلامات التجارية الخاصة بهذه الشخصيات.

تعقيب من موقعك.

أترك تعليق


جرب نسيج الآن ...

مجلة أصحابي

مجلة أصحابي هي مجلة منوعة تهدف الى جمع أكبر عدد ممكن من المقالات والمواضيع المتميزة التي تهم الشباب والشابات. يمكنكم ارسال مشاركاتكم واضافاتكم الى موقعنا في أي مجال يهمكم.