الأثرياء والفقراء في ماينمار يدخرون الذهب للآخرة

مجلة أصحابي . عام 777 لاتعليقات

كثير من الأشخاص يدفعون جزءا كبيرا من دخولهم لصالح الأغراض الدينية أو الخيرية، بهدف تحسن حظوظهم في الحياة الأخرى.
نجون- يجثم عاليا فوق جدار متجر البائع يو زاو وين في العاصمة يانجون صندوق صغير من الصفيح متواضع الشكل.

وهذا الرجل الذي يبلغ من العمر 41 عاما ويعمل بائعا لاكسسوارات السيارات ويدير مشروعا تجاريا متواضعا بضاحية مايانجوني بالمدينة، اعتاد طوال 15 عاما بوازع من المشاعر الدينية على استقطاع حصة من أرباحه اليومية ليضعه داخل هذا الصندوق.

ويقول مشيرا إلى الصندوق الموضوع فوق مذبح يقع بجوار تمثال صغير لبوذا، وإلى فازتين مملوءتين بالأزهار: ” لم أنس أبدا إدخار النقود اللازمة للهبات “.

ويقدر الرجل أن الصندوق يحتوي على نحو 30 ألف دولار تم ادخارها على مدار سنين، وهذا المال مخصص بأكمله لأعمال التجديدات في “معبد شويداجون” أكثر المواقع البوذية قداسة في ماينمار.

وهذا الضريح المشيد على شكل قبة ويبلغ ارتفاعه مئة متر ويعلو فوق مباني يانجون التي تعد أكثر مدن ماينمار ازدحاما بالسكان، تحيط به حاليا سقالات من أعواد الخيزران، حيث يقوم العمال بتلميع الغطاء الذهبي الذي يكسو القبة، وإحلال عدد من الصفائح الذهبية الرقيقة والصلبة والتي تزين الأجزاء العليا من المعبد.

ويقول زاو وين ووجهه يتألق بالرضا إنه تبرع للمعبد بكمية من الذهب تزن إجماليها 45 كياتا، وحيث أن كياتا وهو مقياس للأوزان في بورما يساوي تقريبا 33ر16 جرام فإن الوحدة منه من الذهب تساوي حاليا نحو 600 دولار.

وأوضح زاو وين قائلا أنه ” بادخار مبلغ صغير من المال كل فترة، فإنني أتبرع بما قيمته ثلاثة كياتا من الذهب كل عام لصالح تجديد معبد شويد اجون “.

ويتم تمويل أعمال تجديد المعبد من التبرعات الفردية من الناس العاديين، بالإضافة إلى الجمعيات الدينية في مختلف أنحاء ماينمار.

ويدفع كثير من الأشخاص في هذه الدولة التي يدين غالبيتها بالبوذية جزءا كبيرا من دخولهم لصالح الأغراض الدينية أو الخيرية، بهدف تحسن حظوظهم في الحياة الأخرى.

وأشار تقرير للبنك الدولي صدر هذا الأسبوع إلى أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي في ماينمار يبلغ 1105 دولارات فقط، كما أن معدل الفقر فيها من بين أعلى المعدلات في منطقة جنوب شرقي آسيا حيث يبلغ 5ر37%.

غير أن كثيرا من الأسر لا تزال تستطيع ادخار مبلغ يتراوح ما بين 600 إلى 3600 دولار لشراء صفيحة ذهبية حسب حجمها ، وذلك من أجل تجديد المعبد البوذي.

وأوضح سين وين أونج رئيس مجلس أمناء صندوق معبد شويداجون أن ” ثمة أعمال تجديد تجرى كل عام، غير أننا نقوم في العام الحالي بعملية تجديد كبرى تحدث مرة واحدة كل خمسة أعوام “.

وقال إنه يتم إحلال 15 ألفا على الأقل من الصفائح الذهبية للمعبد التي يبلغ عددها 22 ألفا، وهي عملية تحتاج إلى 735 كيلوجراما من الذهب.

وأضاف “ولهذا السبب يتطلع الناس بشغف للتبرع هذا العام”.

ومن ناحية اخرى أشار أونج تون سكرتير جمعية “ياداناتايا ثاماجا” الدينية بضاحية سانشاونج بالعاصمة يانجون إلى أن هذه الجمعية وضعت أكثر من 1800 صندوق صغير من الصفيح بداخل المتاجر والمقاهي في جميع أنحاء الضاحية لجمع التبرعات للمعبد هذا العام.

وقال إن الجمعية تبرعت بأكثر من 2ر3 كيلوجرام من الذهب، وإن التبرعات التي تحصل عليها الجمعية تأتي أساسا من صناديق الادخار المخصصة منذ عدة عقود، مضيفا إن الجمعية ظلت تتبرع لصالح المعبد لمدة 64 عاما متواصلة.

وأشار تقرير أصدرته الشهر الماضي مؤسسة المعونة الخيرية ومقرها بريطانيا إلى أن مواطني كل من ماينمار والولايات المتحدة ينفقون أعلى معدل للأموال والوقت في العالم على الأعمال الخيرية.

وأوضح التقرير أن الدين والثقافة يلعبان دورا في هذا الاتجاه، كما أن أكثر من نصف مليون راهب بوذي في ماينمار يتعيشون أساسا على هبات الأفراد.

ويتبرع زهاء 91 % من مواطني ماينمار بالمال وهو معدل يفوق أية دولة أخرى، وفقا للتقرير الذي جاء به أن ما نسبته 51% من المواطنين يتطوعون للقيام بأعمال خيرية منفقين وقتهم، وما نسبته 49% منهم يقدمون يد المساعدة للغرباء.

وتذهب بعض التبرعات لصالح التعليم الديني أو للخدمات الاجتماعية ذات الأساس الديني، غير أن كثيرا من هذه التبرعات يذهب لصالح الذهب الذي يسطع فوق قباب آلاف المعابد البوذية في ماينمار.

وأوضح الراهب البارز في ماينمار سيتاجو سيادو آشين نيانيسارا أن التبرع بالمال يعد من المعتقدات المهمة في البوذية.

وتعد البوذية هي الديانة الغالبة في ماينمار، ويعتقد أتباعها بانبعاث أرواح الأموات في حياة جديدة إما على شكل بشر أو حيوانات.

وقال الراهب: “حيث أن الثواب من أساسيات البوذية، فإن منح الهبات يعد ممارسة شائعة في بلادنا “.

وأضاف:”إن الحصول على الثواب يعني الحصول على الجزاء الحسن مما يجلب الحظ الجيد لك في الحياة الدنيا وكذلك في الآخرة”.

ومع ذلك فإن التبرعات المالية الصغيرة هي أدنى أشكال الحصول على الثواب كما يقول الراهب نيانيسارا، مؤكدا أن الأعمال الخيرة الأخرى مطلوبة أيضا لضمان عودة المتوفي إلى الحياة مرة أخرى في شكل جديد مميز.

غير أن الراهب أعرب عن أسفه فقال:”لأن معظم مواطنينا فقراء، وبالتالي فهم يجمعون الأموال اللازمة للتبرع ببطء بطريقة نطلق عليها ” آسانا كان ” أي الثواب اليومي وهي تشبه ادخار المال في الحياة الدنيا من أجل المستقبل”.

تعقيب من موقعك.

أترك تعليق


جرب نسيج الآن ...

مجلة أصحابي

مجلة أصحابي هي مجلة منوعة تهدف الى جمع أكبر عدد ممكن من المقالات والمواضيع المتميزة التي تهم الشباب والشابات. يمكنكم ارسال مشاركاتكم واضافاتكم الى موقعنا في أي مجال يهمكم.