هل يمكن لقراصنة الأنترنت اختراق سيارتك بالفعل؟
تطورت السيارات خلال الـ 100 عام الماضية بسرعة كبيرة، لتتحول من مجرد كتلة معدنية تحمل منظومة ميكانيكية بسيطة، إلى خلية تعج بكافة فروع الهندسة، يربطها شبكة معقدة من الإلكترونيات والحواسيب المتطورة، والتي تتحكم في غالبية وظائف السيارة، حتى تكاد تتحكم فيها بشكل كامل.
ولأن السيارات المتطورة يمكنها الاتصال بالأنترنت لتقدم لك خدمات تصفح الشبكة أو تلقي الرسائل، فقد ظهرت تحذيرات جديدة تشير إلى خطر يهدد هذه السيارات، وهو عمليات القرصنة الإلكترونية والتي أصبحت يمكنها الوصول للسيارات والسيطرة على الحواسيب التي تديرها، وهو ما قد يؤدي إلى نتائج كارثية إذا ما تم استغلال هذا الأمر.
فهل هذه المخاوف صحيحة وتستحق القلق؟ دعنا نوضح لك الأمر بمزيد من التفاصيل.
حواسيب بأربعة عجلات
لم تكن السيارات يومًا أكثر اعتمادًا على التقنية من الآن، فكل شيء بداية من زر إدارة السيارة وحتى المكابح يدار بدوائر إلكترونية وحواسيب بكافة الأحجام والقدرات، كلها متصلة ببعضها البعض لتبادل المعلومات وتقدم أفضل أداء للسيارة.
فمتوسط المعالجات الصغيرة التي تحملها السيارات الحديثة يفوق الـ 50 معالج، تحلل البيانات المستقبلة من الحساسات ومن السائق، ومن ثم تتخذ قرارات وتتحكم في الأجزاء الميكانيكية، كالمحرك والمكابح ونظام التعليق وناقل الحركة، وحتى عجلة القيادة في بعض السيارات، وهو ما يجعل فكرة سيطرة أحد على هذه المعالجات فكرة مرعبة.
فقد نشرت عدة أوراق بحثية من جامعات واشنطن وكاليفورنيا وسان دييجو، يشيروا إلى تجاربهم الناجحة في اختراق أنظمة السيارات الحديثة بالفعل، والتلاعب بالمكابح، وكبح عجلة واحدة والتسبب في انحراف السيارة بقوة، أو حتى التحكم بعجلة القيادة وبدال السرعة.
كذلك نُشرت ورقة بحثية أخرى عن الاختراق الجماعي للسيارات، عن طريق عملية تحديث دورية تقوم بها أحد الشركات لسياراتها كافة من موديل محدد، حيث قام الفريق باختراق عدد كبير من السيارات دفعة واحدة عن طريق ثغرة في التحديث.
كيف يمكن أن يحدث الاختراق؟
هناك طريقتين للوصول إلى شبكة معلومات سيارتك وإلى الحواسيب المتحكمة فيها، الأولى عن طريق فتحات المعلومات الموجودة داخل السيارة، والتي تستخدم عادة في توصيل أجهزة الكشف عن الأعطال بالسيارة، ومن ثم معالجة هذه الأعطال، حيث يمكن للمخترق أن يعدل أي من وظائف السيارة، أو يترك برنامج يمكنه من الاتصال بالسيارة عن بُعد.
الطريقة الثانية هو اختراق النظام الترفيهي أو المعلوماتي للسيارة المتصل بالأنترنت، ومن ثم يشق طريقه عبر الشبكة الإلكترونية للسيارة للوصول إلى بقية الحواسيب والخصائص.
ماذا يمكن أن يحدث؟
لنفترض أن أحدهم استطاع اختراق حواسيب السيارة بالفعل، ماذا يمكن أن يفعل؟
الكثير، بداية من التحكم في حسابات البريد الإلكتروني وحسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بك المتصلة بالسيارة، وحتى التلاعب بالنظام المعلوماتي للسيارة، أو التحكم في وظائف السيارة الرئيسية كالتسارع والتوجيه والمكابح، بحسب تجهيزات السيارة والأنظمة الإلكترونية المساعدة المتوفرة بها.
هل الخطر حقيقي؟
اختصارًا، لا.
فاختراق السيارات ممكن وقد نجحت فيه الفرق البحثية بالفعل، إلا أن الاختراق يحتاج إلى استكشاف الثغرات والتجربة عدة مرات، وهو ما يسبب مشاكل في النظام الذي تحاول اختراقه. فحينما يتدرب مخترق على اختراق نظام معين ويفشل الأمر، يخسر المخترق مبلغ بسيط يمكن تعويضه، لكن في السيارات ستتعطل السيارة بالكامل، وسيكلفه الأمر الكثير ليعيد التجربة من جديد، لتصبح عملية اختراق سيارة واحدة معاناة تستغرق شهور والكثير من المال.
أضف إلى ذلك، كل طراز وكل شركة سيارات تستخدم نظام مختلف، حتى بعض السيارات من نفس الطراز تستخدم نظام بتفاصيل مختلفة بحسب تجهيزها، وهو ما يعد كابوس للمخترقين، فضلًا بالطبع عن أنظمة الحماية التي تضعها الشركات لصد هذه الهجمات الخارجية والتي تحتاج هي الاخرى لمزيد من الوقت لتخطيها.
ولكن، مع توسع اتصال السيارات بالأنترنت وببعضها البعض، يزيد خطر اختراق هذه السيارات تدريجيًا، وهو ما يتطلب خطوات جدية من شركات السيارات لمنع الكارثة قبل وقوعها.